اخبار

غادة مظلوم: توازن الادوار داخل الاسرة اساس استقرارها و نجاحها

كتب: محمد صوابى

فى ظل المتغيرات الاجتماعية والاقصادية التى تواجه الأسرة المصرية، تشعبت أدوار الزوجة فهى الأم والموظفة والمربية، هى التى تقوم بالإشراف على تربية الأولاد، وهى المطالَبة بمتابعة تحصيلهم الدراسى والمشاكل التى تعترضهم فى المدرسة، وربما أصبحت مضطرة أحيانًا للقيام بأعمال الصيانة المنزلية إذا لم تتوافر لها الإمكانيات المادية لدفع مستحقات من يقوم بذلك بدلاً عنها.. مما أفقد الحياة الزوجية بعض سماتها من المودة والقرب، وأصبحت تميل إلى الروتين اليومى المتكرر يومًا بعد يوم.

وبمرور الوقت وبمجيء الأطفال إلى عالم الحياة الزوجية يتحول نمط الحياة بين الزوجين إلى حياة وظيفية روتينية، ينشغل فيها الرجل بتوفير لقمة العيش، وتتمحور الزوجة حول طلبات الأبناء وتوفير الرعاية لهم، ولا تقف مستلزمات رعاية الأولاد بالنسبة للأم عند إطعامهم وملابسهم وتعليمهم فحسب، وإنما تنصرف إلى الرياضة التى يمارسونها والأنشطة التى يفضلونها، وشيئًا فشيئًا ويومًا بعد الآخر تنصهر الأم فيما ذهبت إليه متناسيةً دورها الأساسى وهو أنها زوجة قبل أن تصبح أمًّا، ثم إنها ما زالت زوجة بجانب كونها أمًّا.

فى بادئ الحياة الزوجية قد يقدر الزوج ما تقدمه المرأة من رعاية للأبناء ولو على حساب احتياجاته كرجل.. ولكن بمرور السنوات يتسلل الملل والفتور إلى نفسه، بعد أن تكون الزوجة قد تعودت على نمط الحياة الذى انزلقت إليه ويبدأ الانفصال النفسى بينهما.

وقد لا تشعر “الزوجة- الأم” بفادحة ما آلت إليه حياتها إلا بعد أن يصل الأبناء إلى سن الشباب.. وهنا تشعر بالفراغ والوحدة النفسية، وتبحث عن رفيق الحياة فلا تجد منه إلا الصمت أو الانصراف.

وقد شاءت إرادة الله أن تكون المرأة هى السكن للرجل؛ إليها تهفو نفسه ويرتاح قلبه، ولا يتحقق الدفء الأسرى إلا بالزوجة الأم، فهى نبع الحنان الذى ينهل منه جميع أفراد الأسرة صغارًا كانوا أم كبارًا.

ومن هنا، وجب تنبيه الأم إلى ضرورة الحفاظ على توازن الأدوار داخل الأسرة، وأن لا تطغى واجبات الأمومة على حقوق الزوج، وكذلك لا يطغى السعى من الرجل لتوفير لقمة العيش لأسرته على دوره كزوج وأب، وأن يعمل كلا الزوجين على بناء حياة مشتركة بينهما: يراعى فيها كل طرف احتياجات الآخر النفسية بجانب الوظائف اليومية والمتطلبات المادية.. وعلى المرأة أن تستخدم ذكائها وعطفها فى ممارسة فن التفاهم الأسرى فى بيتها؛ حتى ينعم كل أفراد الأسرة بالسعادة وراحة البال.

ولنا فى الحبيب صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أصيب بشىء يعود إلى زوجته يتحدث إليها.. فعند نزول الوحى يعود إليها قائلاً: “لقد خشيتُ على نفسي”. فتقول له السيدة خديجة : كلا؛ أبشر، فوالله! لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.. ثم انطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل، الذي بشر النبيَّ صلى الله عليه وسلم وجعله قلبه يطمئن.. فهنا ضربت أم المؤمنين خديجة رضى الله عنها أروع مثال على احتواء المرأة لزوجها بمودة ورحمة وعطف.

كذلك فى صلح الحديبية.. فقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يذبحوا الهدى، لكن ما قام منهم رجل، فدخل على أم المؤمنين أم سلمة وقرأت فى وجهه صلى الله عليه وسلم لونًا من ألوان الغضب، فتقدمت إليه بنصيحة حلَّت المشكلة وأنهت الخلاف.

إن الحفاظ على الحياة الزوجية- فى إطار من المودة والرحمة والاحترام بين الزوجين- هو الميزان الحقيقى لاستقرار الأسرة وصلاح الأبناء، وإن أى خلل فى هذه العلاقة الزوجية سيكون له أثره السيئ على الأبناء نفسيًّا وتربويًّا مهما توفر لهم من سبل الرعاية المادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى