مقالات

الدكتور عصمت رضوان .. يكتب: الإعلانات الممولة وغياب الضوابط الأخلاقية

مما لا شك فيه أن التطور التقني الذي شهده العالم في السنوات الأخيرة قد ألقى بظلاله على مختلف جوانب الحياة وشتى مناحيها .

وقد كان للثورة الهائلة في عالم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي دورها المؤثر في حياة البشر على اختلاف أجناسهم، وتباين لغاتهم، وتعدد انتماءاتهم .

لقد شاركت وسائل التواصل الاجتماعي في مجالات الحياة المختلفة، ومن ذلك الأنشطة التجارية التي يقوم بها الأفراد والمؤسسات، حيث استعان مستخدمو هذه الوسائل بالإنترنت في الترويج لأنشطتهم التجارية ، سواء بإنشاء مواقع وصفحات خاصة بهم ، أو عن طريق ما يعرف بالإعلانات مدفوعة الأجر ( الإعلانات الممولة ).


ويلجأ كثير من أصحاب الصناعات والأنشطة التجارية إلى الإعلانات الممولة لكونها وسيلة من الوسائل الحديثة العصرية التي يستخدمها جميع المسوقين سواء على صعيد الأفراد أو على صعيد الشركات للترويج لمنتجاتهم ، حيث تضمن هذه الإعلانات الوصول إلى أكبر عدد من رواد هذه المواقع ، بل والتحكم فيمن تصله هذه الإعلانات من حيث الموقع الجغرافي، والسن وال.جنس ( الذكر أو الأنثى ) وغير ذلك.

 

وهذه الإعلانات من المفترض أن لها شروطا ومعايير معينة لابد من توفرها حتى تسمح هذه المواقع بعرضها ، ومن هذه الشروط عدم الترويج لمنتجات غير مصرح بتداولها كالمواد المخ.درة وغيرها، وعدم احتواء الإعلان على محتوى يدعو إلى تفرقة عنصرية بين البشر ، بالإضافة إلى بعض الضوابط الخاصية بالناحية الشكلية للإعلان.

وفي رأيي أن هذه الضوابط من الممكن تخطيها والتحايل عليها ، كما أنها غير كافية ، فهي في حاجة إلى التكثيف بإضافة المزيد من الضوابط التي تتصل بالأمور الأخلاقية.

فقد نجد في هذه الإعلانات بعض الصور الخليعة عند الترويج لبعض الملابس أو الأجهزة الرياضية أو غيرها ، وقد نجد فيها ترويجا لبعض الأنشطة المنافية للقيم الأخلاقية كالإعلان عن مراكز كتابة الرسائل العلمية بدلا من الباحثين ، أو الترويج عن أدوية تساعد على الإجه.اض أو أدوية تسبب الإد.مان أوغير ذلك.

وقد قرأنا مؤخرا عن أشخاص تم إلقاء القبض عليهم بعد نشرهم إعلانات من هذا النوع حول منتجات محظور تداولها.

إن الإعلان عن هذه المنتجات _ إلى جانب كونه منافيا للقيم الأخلاقية _ فيه أيضا مخالفة شرعية ، فقد ذكر المختصون في الفقه الإسلامي أن الإعلانات على الإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام لها حالتان:

الحالة الأولى: أن تكون الإعلانات لأشياء مباحة، وأن يكون الإعلان ذاته ليس فيه مخالفة شرعية، وأن يكون التعاقد على الإعلان خاليا أيضا من المخالفات الشرعية كالجهالة والغرر ففي هذه الحالة لا حرج في هذه الإعلانات.

والحالة الثانية: أن تكون الإعلانات عن أشياء محرمة، أو مُعينة على الحرام، أو يكون الإعلان نفسه فيه مخالفة شرعية كالصور الخليعة وغيرها ففي هذه الحالة يكون حراما .

إن الأمر في حاجة إلى مزيد من الرقابة وتعزيز الضوابط المنظمة لهذه الإعلانات، لتكون أكثر حزما في مواجهة هذه التجاوزات غير الأخلاقية التي تؤثر في قيم وعادات وأعراف مجتمعاتنا الملتزمة المحافظة .

د. عصمت رضوان، وكيل كلية اللغة العربية بجرجا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى