
كتب: تامر الشاهد
مستشفى الحسين الجامعي.. ريادة طبية وروح تعاون عربي
انطباع مشرّف وتطلعات مستقبلية بمستشفى الحسين الجامعي
مستشفى الحسين الجامعي.. نموذج متميز في التكامل بين التاريخ العريق والرؤية المستقبلية
أ.د أحمد عبدالجليل: النهوض بمهنة الطب وتعزيز رسالة الرحمة والعلم وخدمة الإنسان
في إطار التواصل العلمي الدولي والحرص على تبادل الخبرات الطبية، استقبلت مستشفى الحسين الجامعي وفد البورد العربي للاختصاصات الصحية داخل قاعة المؤتمرات الكبرى بمستشفى الحسين الجامعي، في زيارة ميدانية رفيعة المستوى عكست مكانة المستشفى العلمية والإكلينيكية على مستوى العالم العربي.
كان في استقبال الوفد الأستاذ الدكتور. حسين أبو الغيط – عميد كلية طب الأزهر بنين، الذي رحب بالحضور الكريم نيابةً عن الأستاذ الدكتور. محمود صديق – نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحث العلمي، والمشرف العام على قطاع المستشفيات والمشرف على قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وذلك بحضور السادة:
الأستاذ الدكتور. محمد الزيات – وكيل كلية الطب، الأستاذ الدكتور. خيري عبد الحميد – وكيل كلية الطب، الأستاذ الدكتور. أحمد عبد الجليل – مدير عام مستشفى الحسين الجامعي، الأستاذ الدكتور. عبده مبروك – مدير عام مستشفى باب الشعرية، ونواب مدير عام مستشفى الحسين الجامعي: الأستاذ الدكتور. أحمد سليم – العميد الأسبق لكلية الطب، الأستاذ الدكتور. فيصل زايد – مدير وحدة الجودة بكلية الطب، الأستاذ الدكتور. أحمد نوح – مسؤول أطباء الامتياز بكلية الطب، الأستاذ الدكتور أحمد رشاد الشاهد رئيس قسم الأمراض الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب جامعة الأزهر، إلى جانب نخبة من الأساتذة والاستشاريين من كلية الطب ومستشفيات جامعة الأزهر.

كلمة عميد الكلية: تاريخٌ مضيء، وحاضرٌ مشرف
في كلمته الترحيبية، ألقى الأستاذ الدكتور. حسين أبو الغيط – عميد كلية الطب بجامعة الأزهر – كلمة عبّر فيها عن بالغ ترحيبه بوفد أطباء البورد العربي، مؤكدًا أن هذا اللقاء يعكس روح التعاون العربي المشترك في ميادين الطب والتعليم والبحث العلمي، ويُعد خطوة مهمة نحو تعميق العلاقات المهنية والإنسانية بين المؤسسات الطبية في العالم العربي.
ثم استهل سيادته كلمته باستحضار جذور التعليم في مصر، مشيرًا إلى أن جامع الأزهر الشريف، الذي تأسس عام 972م (361هـ)، لم يكن فقط منارة دينية، بل كان ولا يزال منبرًا للعلم، ومنطلقًا للمعرفة، ومدرسة خرّجت آلاف العلماء في مختلف العلوم، ومن بينهم من تخصصوا في علوم الطب والشفاء.
وأوضح «أبو الغيط» أن الأزهر حمل رسالة العلم والرحمة منذ قرون، وظل مركزًا للتنوير والنهضة، إلى أن شهدت مصر في عهد محمد علي باشا طفرة جديدة في التعليم الطبي الحديث، عندما أسس كلوت بك أول مدرسة للطب عام 1824م، واختار لها نخبة من الطلاب بلغ عددهم مائة طالب، لتكون هذه اللحظة بداية منظومة الطب المؤسسي الحديث في مصر.
وأكد عميد الكلية أن كلية الطب بجامعة الأزهر، اليوم، هي امتداد لهذه المسيرة العريقة، وتفخر بأنها تمثل أحد أركان التعليم الطبي الأصيل في مصر والوطن العربي، حيث تدمج بين الأصالة والمعاصرة، وبين العلم الحديث والقيم الإنسانية التي أرساها الأزهر الشريف.
كما افتتح أ.د حسين أبو الغيط كلمته بصورة نادرة تُعرض لأول مرة، توثّق كيف بدأ التعليم الطبي في مصر، حين تم تعيين مترجمين لنقل المحاضرات من اللغة الفرنسية إلى العربية، وكان يُطلب من الطالب أن يُعيد الترجمة بنفسه للتأكد من فهمه، قبل أن يتم ابتعاث المتفوقين منهم إلى فرنسا لاستكمال دراستهم، في إشارةٍ إلى فخر واعتزاز بأن جذور الطب في مصر كانت من الأزهر، وستظل جامعة الأزهر منارةً للعلم والمعرفة في الشرق والغرب.
ثم استعرض سيادته الدور الريادي لـمستشفى الحسين الجامعي في الوقت الحالي، مشيرًا إلى الإنجازات المتميزة التي تحققت، ومنها:
القوافل الطبية التي توجهها جامعة الأزهر إلى المحافظات النائية ودولة تشاد، للكشف على مئات المرضى، وتقديم الرعاية، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور. أحمد الطيب – شيخ الأزهر الشريف.
العمليات الكبرى والنادرة التي أُجريت داخل مستشفيات الجامعة، ومنها عملية زرع كف يد لمريض، والتي استغرقت ساعات طويلة من الجهد المتكامل لفريق طبي متميز.
الطفرة الكبيرة في تطوير أقسام الرعاية المركزة، ووحدة القسطرة المخية، ووحدات الأشعة والرنين، وفقًا لأعلى المعايير العالمية، وهو ما لمسه وفد البورد العربي خلال جولته داخل المستشفى.
كما أوضح عميد كلية الطب بجامعة الأزهر أن مستشفيي الحسين الجامعي وباب الشعرية يُعدان من كبرى المستشفيات التعليمية والخدمية في مصر، حيث يستقبلان ما يزيد عن 2 مليون مريض سنويًا، أي ما يعادل نحو 2% من سكان الجمهورية، وهو ما يعكس حجم الثقة التي يوليها المواطن المصري للمؤسسة الأزهرية الطبية.
وأضاف أن العيادات الخارجية وحدها تشهد يوميًا تردد ما بين 3,000 إلى 5,000 مريض، فيما تم إجراء أكثر من 107,000 عملية جراحية خلال العامين الماضيين، في مختلف التخصصات، بما يُعد إنجازًا غير مسبوق على مستوى الأداء الطبي والسريري.
وأشاد «أبوالغيط» بما تشهده المستشفى من جهود تطويرية كبيرة، خاصة تحديث واجهة المستشفى والذي تم بتوجيه كريم من رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إطار حرص الدولة على تطوير المنشآت الطبية ورفع كفاءتها لخدمة المواطن المصري.
كما أثنى سيادته على مستوى الرعايات المركزة، وخدمات الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي، وكفاءة الأقسام الطبية والتعليمية، وفي إطار التطوير الأكاديمي، يُعد مبنى المدرجات بالمستشفى صرحًا علميًا متميزًا، يضم قاعات محاضرات حديثة وقاعات مؤتمرات مجهزة على أعلى مستوى، تُستخدم في عقد اللقاءات العلمية وورش العمل والدورات التدريبية، وتُعد ركيزة أساسية في دعم العملية التعليمية والتواصل العلمي داخل المستشفى، وقد نال هذا الصرح إعجاب وفد البورد العربي لما يعكسه من اهتمام بالجانب الأكاديمي والتدريبي إلى جانب الخدمة الطبية، مؤكدًا أن ذلك ما كان ليتحقق لولا التعاون المخلص بين إدارة الكلية وإدارة المستشفى والطاقم الطبي بأكمله.
وختم كلمته بالتأكيد على أن هذه الزيارة ليست فقط للاطلاع، بل هي خطوة على طريق التعاون والتكامل، وأن مستشفيات جامعة الأزهر تفتح أبوابها دائمًا لكل ما من شأنه النهوض بمهنة الطب وتعزيز رسالة الرحمة والعلم وخدمة الإنسان.
كلمات من الوفد وأعضاء هيئة التدريس
وفي إطار التعاون الدولي، تحدث الأستاذ الدكتور. أمين أبو كيفه– أستاذ جراحة الأطفال، عن أهمية المؤتمرات الجراحية الحديثة، التي يتم فيها نقل العمليات الجراحية مباشرةً من غرف العمليات إلى قاعات المؤتمرات، بحضور أطباء من مختلف دول العالم، في تجربة علمية فريدة تُثري المحتوى الجراحي والتدريبي وتفتح آفاقًا جديدة في الطب العالمي.
كما نفخر بالأقسام العلمية المختلفة، ومنها قسم جراحة الأطفال، الذي لا يقتصر دوره على الخدمة الطبية فحسب، بل يُعد منارة تعليمية تُمنح من خلاله درجات الماجستير والدكتوراه وأيضاً في أقسام المستشفى من جميع التخصصات، بالإضافة إلى تنظيم برامج تدريبية متخصصة، بما يسهم في إعداد جيل من الأطباء المتميزين وفق أعلى المعايير الأكاديمية.
كما ألقى الأستاذ الدكتور. عبد الوهاب لطفي – أستاذ ورئيس قسم الباطنة العامة، كلمة استعرض فيها جهود القسم في برنامج البورد العربي، مشيرًا إلى التطوير المستمر في التدريب الإكلينيكي والتعليم الأكاديمي، بما يواكب المعايير الدولية في التشخيص والعلاج والتعليم الطبي المستمر.

انطباع مشرّف وختام مثمر
وقد أعرب وفد البورد العربي عن بالغ إعجابهم بما لمسوه من تطور طبي كبير، وتجهيزات حديثة، ونظام إداري وتعليمي متميز، يُجسد التكامل بين التاريخ العريق والرؤية المستقبلية الواعدة.
جدير بالذكر أن وفد البورد العربي قد قام في ختام الزيارة بجولة ميدانية داخل مستشفى الحسين الجامعي، شملت عددًا من الأقسام الحيوية، وعلى رأسها الرعايات المركزة، والعمليات، ووحدات الأشعة والرنين، والطوارئ، والعيادات الخارجية، والقسطرة المخية، حيث أبدى أعضاء الوفد بالغ إعجابهم بما لمسوه من تطور في البنية التحتية، وكفاءة الكوادر الطبية، وانضباط منظومة العمل داخل الأقسام المختلفة.
وقد أكدوا أن هذه الزيارة تمثل تجربة فريدة في التواصل العلمي العربي، وأن مستشفى الحسين الجامعي يُعد نموذجًا متميزًا في الدمج بين التاريخ الطبي العريق والرؤية المستقبلية الحديثة، بما يخدم المريض ويُثري مسيرة الطب والتعليم في العالم العربي.